قارِب بلا اِتِّجَاه


 قارِب بلا اِتِّجَاه


استيقظ من سُباته فجأة على هزة عنيفة وكأن هناك من يعتصر جسده. يكاد أن يختنق لا يستطيع أن يتنفس. فجأة ينتفض جسده ويدخل الهواء إلى صدره ويبدأ بالبكاء. ضوضاء كثيفة من حوله لا يكاد أن يبصرشيء.كل ما يراه ضبابي لايكاد يقوى على الحركة جسده هزيل؛ ويشعر بضعف شديد. تحيط به آلاف الروائح والأرواح. الروائح لم يعتادها بعد ولكن الأرواح تهديء من روعه قليلا. وتصطحبه معها في آلاف الرحلات . رحلة كل ساعة أو ساعتين أو نحو ذلك ؛ ليغيب فيها عن عالمنا المنظور هذا. ليلهو معهم في عالم الماورائيات.ثم يعود فجأة إلى هذا العالم وصخبه. كل شيء صاخب من حوله حتى إنه يضطر اِضطرار ا؛ أن يشارك في هذا الصخب. صخب اِضطراري للتواصل عبر الصوت. يالهؤلاء الحمقى الصاخبين لقد فرضوا عليك أن تشارك في هذا الصخب الاِضْطِرَارَي. ويستمر الصخب والضجيج يا للهول أن هذا الصخب والضجيج يزداد يومًا بعد يوم. وفي خضم هذا الضجيج تتلاحق المشاهد والمشاعر.تتلاحق بسرعات أسرع من قدرة حواسك على الاستيعاب أو الفهم أو الإدراك. بل إن حواسك التي تدركها تعجز حتى عن تحديد النوع أو الجنس أو الفصيل. وبمجرد أن تحاول أن تتمالك زمام نفسك لتقف على قدميك.ستواجه كائنات أخري من اجناس وفصائل عدة تحاول الإطاحة بك دون أي سبب فقط لمجرد حتمية الصراع. ومن ثم تبدأ في الهرب تارة والمواجهة تارة أخرى. وتكتشف أنك جزء من هذه المنظومة العبثية .أنت جزء من صراع حتمي على لاشيء . رغم إنك مجرد شكل آخر من أشكال الحياة لكن مأساتك الحقيقية هي غياب الوعي والإدراك الحقيقي لأي شيء في خضم هذا الصخب. وضالع في صراع حتمي لا جدوى منه. بل الأدهى من هذا أن لا أحد لديه دليل واحد أو برهان على تلك الحتمية القهرية للصراع. تسعى لعودة الوعي الذي امتلكته قبل الخروج لهذا الصخب فتتلمسه في العلم تارة وفي الفضاءات اللامتناهية تارة؛ دون جدوى. أنت قارب بلا اتجاه سواء كنت في البحر أو على اليابسة . فاليابسة نفسها قارب بلا اتجاه. وبدلا من أن تعمل على إصلاح هذا القارب تجد أن الجميع ضالع في صراع حتمي لخرقه.
 تبًا لحتمية الصراع

Comments

Popular